ما هي اضطرابات البلع وما العلاجات المتاحة؟
بقلم: الدكتور محمد فرحات
تحرير: آية دياب
إذا كنت تواجه صعوبة في البلع، فقد تكون لديك حالة تعرف باسم عسر البلع dysphagia. في بعض الحالات، يعاني الأشخاص المصابون بعسر البلع من صعوبات في ابتلاع أطعمة معينة، بينما لا يتمكن الآخرون من ابتلاع أي شيء تمامًا. تقدر المنظمة العالمية لأمراض الجهاز الهضمي أن حوالي 1 من 17 شخصًا سيصابون بنوع من عسر البلع في حياتهم. على الرغم من أن عسر البلع أكثر شيوعًا بشكل عام بين كبار السن، إلا أنه يمكن أن يحدث في أي عمر.
يشرح لنا الدكتور "محمد فرحات" -أستاذ واستشاري أمراض التخاطب والصوت والبلع- في هذا المقال أعراض حالة عسر البلع والأسباب المحتملة لهذه الحالة كذلك طرق العلاج المتاحة..
كيف تتم عملية البلع في جسم الإنسان؟
البلع عملية معقدة يشترك فيها حوالي 50 عضلة إضافة إلى كثير من الأعصاب، يتم فيها تحريك الطعام في الفم ومن ثم دفعه إلى المعدة عبر المريء.
ويمكن تقسيم عملية البلع إلى أربعة مراحل:
- المرحلة الأولى: المرحلة الفمية التحضيرية، ويتم فيها مضغ الطعام وتجهيزه للبلع.
- المرحلة الثانية: هي المرحلة الفمية الدفعية، حيث يدفع اللسان الطعام الممضوغ إلى الجزء الخلفي من الفم، وتتم هذه المرحلة في أقل من ثانية واحدة.
- المرحلة الثالثة: هي المرحلة البلعومية، وهي أعقدها وأهمها، حيث يتم دفع البلعة إلى بوابة المريء العليا مروراً بالبلعوم، ويتم فيها حماية مجرى التنفس والحنجرة من دخول أي طعام أو شراب وحتى اللعاب، ولا تتجاوز هذه المرحلة الثانية أو الثانيتين.
- المرحلة الرابعة: يتم فيها دفع الطعام أو الشراب إلى المعدة عبر أنبوب المريء، فسبحان الذي أبدع كل شيء خلقه.
كيف تحدث اضطرابات البلع؟
تحدث هذه الاضطرابات عند وجود مشكلة أو خلل في إحدى مراحل عملية البلع، مثل:
- ضعف اللسان أو ضعف عضلات الفكين، مما يؤدي إلى صعوبة تحريك الطعام أو مضغه.
- عدم القدرة على استثارة البلع بسبب اضطرابات في الجهاز العصبي، مما قد يؤدي إلى دخول الطعام أو الشراب إلى مجرى التنفس.
ما هي أسباب اضطرابات البلع؟
أسباب الاضطراب عديدة منها:
- تلف في الجهاز العصبي المركزي، كالسكتة الدماغية، أو الشلل المخي، أو غيره.
- سرطان الفم أو البلعوم أو المريء.
- إصابات الرأس.
- ارتجاع أحماض المعدة إلى الحنجرة.
ما هي أعراض اضطرابات البلع؟
لصعوبة البلع أعراض عديدة منها:
- السعال عند الأكل أو الشرب أو بعد ذلك مباشرة.
- تحول الصوت إلى صوت رطب كالغرغرة، وذلك أثناء الأكل والشرب أو بعد ذلك مباشرة.
- تجمع الطعام في الفم أثناء أو بعد البلع.
- ارتفاع درجة حرارة الجسم (بسبب التهاب الرئة).
- صعوبات التنفس أثناء أو بعد الأكل.
- فقدان الوزن أو الجفاف، وذلك نتيجة لعدم الاكتفاء من الطعام أو الشراب.
- صعوبة في دفع الطعام أو الشراب عبر الحلق.
- عدم التحكم في اللعاب وخروجه خارج الفم.
ومن المهم توضيح أن الحالة الأخطر هي دخول الطعام أو الشراب إلى مجرى التنفس ومن ثم إلى الرئتين مسببة الالتهابات، ويشتكي المريض عندها من الكحّة وارتفاع في درجة الحرارة مع صعوبة في التنفس، وفي بعض الحالات قد تؤدي إلى الوفاة.
ماذا قد ينتج عن اضطرابات البلع؟
- صعوبة في التنفس أو الاختناق لدخول الطعام أو الشراب إلى مجرى التنفس.
- دخول الطعام أو الشراب إلى الرئتين مما يؤدي إلى التهاب الرئة، وقد يؤدي هذا إلى الوفاة.
- عدم المتعة أثناء الأكل والشرب.
- فقدان الوزن أو الإصابة بالجفاف.
- الخجل من تناول الطعام في المناسبات الاجتماعية.
كيف يمكن تشخيص أمراض البلع؟
يبدأ تشخيص أمراض البلع بأخذ التاريخ المرضي من المريض، ثم تأتي مرحلة فحص الفم وأجزائه المختلفة، وقد يُجرى اختبار سريري سريع للبلع، وذلك عن طريق إعطاء المريض مشروبات وأطعمة ذات قوام وكثافة متفاوتة، لاختبار قدرة المريض على التعامل مع مثل هذا الطعام أو الشراب، فإذا لم تتضح المشكلة عند ذلك يتم إجراء بعض الفحوصات الخاصة بالبلع، منها:
أولاً: فحص البلع عن طريق المنظار، حيث يمرر منظار قصير ونحيف عبر أنف المريض وصولاً إلى الحلق، ثم يُعطى المريض عن طريق الفم مشروبات وأطعمة ذات كثافة متفاوتة ومخلوطة ببعض ملونات الطعام وذلك ليسهل متابعة عملية البلع.
ثانياً: فحص البلع بالأشعة، وذلك عن طريق إعطاء المريض مشروبات وأطعمة ذات قوام وكثافة متفاوتة ومخلوطة بمادة خاصة تسمى " الباريوم " – وهي مادة يمكن رؤيتها بالأشعة – لتتابع عملية مرور الطعام من الفم وصولاً إلى المعدة.
وعلى الرغم من أهمية هذين الفحصين ودقتهما إلا أنهما يقيّمان حالة البلع وقت الإختبار فقط لذا لابد من الفحص المتكرر لعملية البلع عند الحاجة لذلك.
ماهي الخيارات العلاجية لأمراض البلع؟
تختلف الخيارات العلاجية لاضطرابات البلع بحسب السبب والأعراض، ولكن يمكن تقسيم التدخلات العلاجية إلى الآتي:
- تغيير قوام وسماكة الطعام، وأيضا طريقة إعطاء الطعام للمريض.
- تعديل وضعية الجسم، وخصوصا الرأس والرقبة أثناء البلع.
- تدريب المريض على القيام ببعض المناورات والأوضاع التي تسهل عملية البلع وتحمي مجرى التنفس.
- تمارين تقوية عضلات البلع.
- في أحيان قليلة قد يحتاج المريض إلى إجراء بعض العمليات الجراحية، أو إلى استعمال بعض الأدوية.
- في حالة عدم قدرة المريض على تناول طعامه أو شرابه عن طريق الفم بشكل كاف أو آمن فإن الطعام يقدم له عن طريق وسائل بديلة.
ما هي الوسائل البديلة للتغذية؟
الأنبوب الأنفي المَعِدّي:
وهو أنبوب يمر من الأنف فالبلعوم فالمريء ثم إلى المعدة، ومن خلاله يتلقي المريض الطعام والشراب.
التغذية الوريدية:
ويتم من خلالها التغذية عبر الوريد مباشرة.
الأنبوب المعدي:
وهو أنبوب يتم إدخاله من الخارج إلى المعدة لتغذية المريض وذلك عبر عملية جراحية بسيطة.
ومما يجدر الإشارة إليه أن المريض بإمكانه الاستغناء عن هذه الوسائل البديلة متى ما استعاد قدرته على تناول الغذاء بكميات كافية وآمنة عن طريق الفم.