
إرهاق ما بعد العدوى وكوفيد 19: ماذا تعلّمنا حتى الآن؟
تعريب: هاجر الغريب
في شهر مارس المُنصرم، انتابنا شعور بالخوف من استمرار ظهور بعض الأعراض على عدد من الأشخاص المُتعافين من كوفيد 19. والآن بات من الواضح أننا قللنا من شأن الأمر، حيث أن التوقعات تجاوزت ما كُنا نعتقد، فوجدنا آلاف الأشخاص ممن عانوا من قبل من فيروس الكورونا مازالوا يُعانون من عدد من الأعراض.
ولذلك أعدّ لنا الفريق الطبي في Top Doctors هذا المقال من أجل مُناقشة أحدث التطوّرات فيما يخص هذا الشأن، وللحديث عن تجربتهم حتى الآن في علاج المرضى الذين يُعانون من إجهاد ما بعد كوفيد 19.
كيف كانت التجربة فيما يخص التعامل مع حالات إجهاد ما بعد كوفيد 19 ؟
منذ شهر أبريل الماضي، يأتينا العديد من الأشخاص الذين يُعانون من الإرهاق المُستمر. الكثير منهم قد عاني من دوامة من المشاعر والأعراض، بدايةً من الخوف الشديد في الفترة الأولى أثناء العدوى الحادة، وفترة العُزلة الذاتية الصارمة المُصاحبة للمرض، مرورًا بفترة الابتهاج بالبقاء على قيد الحياة، ثم اليأس مرةً أُخرى عند شعورهم بالإعياء. في بعض الحالات طويلة الأمد، يُمكن أن يؤدي ذلك إلى تشخيص الشخص ببعض الحالات المرضية مثل متلازمة التعب المزمن أو التهاب الدماغ والنخاع المؤلم للعضل.
حيث وُجد أن العديد من الأشخاص الذين عادوا إلى العمل وإلى مُمارسة الرياضة، قد انتكسوا مرةً أُخرى وظهرت عليهم أعراض منعتهم من الاستمرار في عملهم. العديد من هؤلاء الأشخاص تم تقييم حالتهم من قِبل الطبيب المُمارس العام أو في أقسام الطوارئ بالمستشفيات – بسبب هذه الأعراض – وتم استبعاد إصابتهم بالالتهاب المُستمر (عواصف السيتوكين) أو الجلطات الدموية (جلطات الدم المرتبطة بالإصابة بكوفيد 19)، بعدما أجروا اختبارات الدم والتصوير الإشعاعي على التوالي. لكن الحصول على نتائج طبيعية للتحاليل لا يعني بالضرورة أنه ليس هُناك أعراض مُستمرة، ولهذا السبب يسعى هؤلاء الأشخاص لإيجاد المُساعدة.
ما الجديد الذي علينا إدراكه فيما يخص حالة إجهاد ما بعد كوفيد 19 ؟
بالمُقارنة بما وجدناه في شهر مارس الماضي، نستطيع القول بأن هُناك تقدّم ملحوظ. وقد أطلق البروفيسور "تيم سبيكتور" في مستشفى كينجز كوليدج في بريطانيا تطبيق COVID Symptom Study ، والذي يضم حاليًا أكثر من 4 ملايين مشترك، نستطيع من خلالهم تكوين صورة عن نسبة الـ 10 % من الأشخاص الذين يُعانون من استمرار الأعراض بعد تعافيهم من الفيروس لمدة شهر تقريبًا، وأيضًا نستطيع تكوين صورة عن نسبة الـ 5% الذين يُعانون من أعراض طويلة الأمد، والتي تشمل الإرهاق.
بعض المُباردات الخاصة بمُتابعة المُتعافين:
- أطقلت مُنظمة الصحة العالمية مُبادرتين من أجل مُساعدتنا على فهم الأعراض طويلة الأمد المُرتبطة بكوفيد 19، وأيضًا تقديم المُساعدة اللازمة فيما يخص ذلك.
- سيتم إطلاق دراسة PHOSP-COVID خلال هذا الصيف، والتي ستقوم بعمل فحص شامل للأشخاص الذين تم تحويلهم إلى المستشفيات بسبب إصابتهم بفيروس الكورونا، وذلك من أجل الحصول على صورة شاملة فيما يخص تأثير الإصابة بالفيروس على صحة المُتعافين على المدى الطويل، بما في ذلك لوحة المؤشرات الحيوية الخاصة بكل شخص. جدير بالذكر أن هذا هو نوع الدراسة التي لطالما طالب بها الأشخاص الذين يُعانون من متلازمة التعب المزمن و التهاب الدماغ والنخاع المؤلم للعضل.
- ومن أجل دعم الأشخاص أثناء تعافيهم من كوفيد 19، تم إطلاق خدمة الكترونية من قِبل منظمة الصحة العالمية في أواخر يوليو 2020 تُدعى Your Covid Recovery . وعلى الرغم من أن الموقع يستهدف في المقام الأول أولئك الذين يُقيمون بالمستشفيات بسبب العدوى، إلا أنه يوجد به بعض النصائح والإرشادات للتعامل مع بعض الأعراض مثل التعب، ضيق التنفس، الكوابيس وذكريات الماضي، والتي تُعد جميعها من المشاكل والأعراض الشائعة التي اشتكى منها العديد من المُتعافين في الأونة الأخيرة. وسيتم استكمال المبادرة خلال هذا الخريف وتزويدها بفرق إقليمية لدعم أولئك الذين يحتاجون إلى إعادة التأهيل وجهًا لوجه أو في المنزل.
ماذا عن الأشخاص الذين لم تتحسن لديهم حالة الإجهاد رغم التزامهم بالإجراءات التي أشرت لها؟
قد يستغرق الأمر عِدة أشهر للتعافي تمامًا، ومع ذلك إذا كانت هناك أعراض إرهاق مستمرة بعد 4 أشهر من الإصابة بالفيروس، وأصبح الأمر يؤثر على القدرة على القيام بالأنشطة اليومية الاعتيادية ولا سيّما العمل، نوصي بزيارة الطبيب العام للنظر في إذا ما كان يجب عرض المريض على أخصائي.
من المهم التأكيد على أننا ما زلنا لا نعرف الطريقة المُثلى للتعامل مع حالة إجهاد ما بعد كوفيد 19 ، لكن بعض الخدمات المتخصصة في التعامل مع حالات الإرهاق لديها خبرة في مساعدة الناس على إدارة الحياة والعمل على الرغم من التعب المستمر، والتفاوض على الدعم المناسب من أصحاب العمل واستخدام الصلاحيات، حيثما كان ذلك مناسبًا. بالنسبة للكثير من الأشخاص، فإن الحصول على دعم الفريق الذي يتفهم كيف يُمكن أن يؤثر التعب المزمن على الناس هو علاج بحد ذاته.